القرآنييون

من كتاب ( دفاع عن السنه ) للشيخ محمد محمد ابوشهبه
ان القران الكريم هو الاصل الاول للدين والسنه هي الاصل الثاني و منزله السنه من القران انها مبينه وشارحة له تفصل مجمله وتوضح مشكله وتقيد مطلقه وتخصص عامة وتبسط مافيه من ايجاز قال تعالى (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )
مثل من بيان السنه للقران :
1- قال الله تعالى (وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ )، ولكنه لم يبين عدد الصلوات ولا كيفيتها ولا اوقاتها ولا فرائضها من واجباتها من سننها . فجائت السنه المحمديه فبيت ذلك كله ، وكذلك لم يبين متى تجب الزكاة ؟ و انصتها ومقدار مايخرج فيها وفي اي شي تجب؟ فجائت السنة فبيت كل ذلك .
2- قال تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ولم يبين ماهي السرقه ؟ وما النصاب الذي يحد فيه السارق ؟ وما المراد بالايدي ؟ ومن اي موضع يكون القطع ؟ فبيت السنه كل ذلك.
3- قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ولم يبين الحد فجائت السنة فبينتة . وغيرها الكثير التي تفوق الحصر
استقلال السنة بالتشريع :
وقد تستقل السنة بالتشريع احيانا وذلك كتحريم الجميع بين المراة وعمتها او خالتها وتحريم سائر القرابات من الرضاعة – عدا ما نصى عليه القران – الحاقا لهن بالمحرمات من النسب وتحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير وتحليل ميتة البحر وغيرها.
حجيه السنة :
وقد استفاض القران والسنة الصحيحه الثابية بحجية كل ماثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
1-قال الله تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
1. 2-قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) قال ميمون بن مهران : الرد الى الله هو الرجوع الى كتابه و الرد الى الرسول هو الرجوع اليه في حياته و الى سنته بعد و فاته .
1. 3-( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ) وما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم يشمل ما كان بقران او سنة ، وقد دلت الاية على انه لا يكفى في قبول ما جاء به القران والسنة الاذعان الظاهري بل لابد من الاطمئنان والرضا القلبي.
4-قال الله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا )
5-قال الله تعالى( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
اما الاحاديث فكيثرة منها :
1- عن المقدام بن معدي كرب الكندي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، لا يوشك رجل ينثني شبعاناً على أريكته يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع، ألا ولا لقطة من مال معاهد، إلاّ أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروهم فإن لم يقروهم فلهم أن يعقبوهم بمثل قراهم».
قوله ( اوتيت الكتاب ومثله معه ،يحتمل وجهين :
احدهما : ان معناه انه اوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما اعطي من الظاهر المتلو .
والثاني : انه اوتى الكتاب وحيا يتلى واوتي من البيان مثله اي اذن له ان يبين ما في الكتاب فيعم ويخص ويزيد علية ويشرح مافي الكتاب فيكون في وجوب العمل به ولزوم قبوله كالظاهر المتلو من القران.
وقوله ( يوشك رجل شعبان ..) يحذر بهذا القول من مخالفة السنن التي سنها مما ليس له من القران ذكر ، واراد يقوله (شعبان متكئ على اريكته ) انه من اصحاب الترفه والدعه الذين لزموا البيوت لم يطلبوا العلم من مظانه.
وقد دل الحديث على معجزه للنبي صلى الله عليه وسلم.
2-حديث (فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّـينِ. عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ )
3-حديث ( عن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رسولَ الله خَطَبَ الناسَ فـي حَجَّةِ الوداعِ فقالَ: «يَا أَيُّهَا الناسُ، إِنِّـي قَدْ تَرَكْتُ فِـيْكُمْ مَا إِنْ اعْتَصَمْتُـمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أبداً: كتابَ الله وسُنَّةَ نَبِـيَّهِ» ) وهي صريحة في ان السنه كالكتاب يجب الرجوع اليها في استباط الاحكام وقد اجمع الصحابه رضوان الله عليهم على الاحتجاج بالسنن والاحاديث والعمل بها ولو لم يكن لها اصل على الخصوص من القران.
روى البخاري عن عَلقمَةَ عن عبدِ الله قال: «لَعَنَ اللَّهُ الواشِماتِ والموتشماتِ والمتَنَمِّصات والمتفَلِّجات للحُسْن، المغيِّراتِ خَلقَ الله. فَبَلَغَ ذلك امرأةً من بني أسدٍ يقال لها أمّ يعقوبَ، فجاءت فقالت: إنه بلغني أنكَ لَعنتَ كيتَ وكيت، فقال: وما ليَ لا ألعنُ من لَعنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ومن هوَ في كتاب الله. فقالت: لقد قرأتُ ما بَينَ اللوحين، فما وَجدتُ فيه ما تقول. قال: لَئن كنتِ قَرَأتيهِ لقد وَجَدتيه، أما قرأتِ {وما آتاكم الرسولُ فخُذوه، وما نهاكم عنه فانتَهوا}؟ قالت: بَلى. قال: فإنه قد نهى عنه. قالت: فإني أرى أهلكَ يَفعلونه. قال: فاذهبي فانظري، فذَهَبَتْ فَنَظَرَت فلم تَرَ من حاجَتها شيئاً. فقال: لو كانت كذلك ما جامَعْتْنَا».
اما حديث عرض السنه على القران مكذوب :
وهو (إذا سمعتم عني حديثا فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فاقبلوه وإلا فردوه )
فقد بين ائمة الحديث وصيارفته انه موضوع مختلف.
وقد عارض هذا الحديث بعض الائمة فقالول : عرضنا هذا الحديث الموضوع على الكتاب بالله فوجدناه مخالف له ، لان وجدنا في الكتاب الله ( وما اتاكم الرسول فخذوه ...)
ووجدنا منه ( قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني..) ووجدنا فيه ( من يطع الرسول فقد اطاع الله ) وهكذا نرى ان القران الكريم يكذب هذا الحديث وبرده .
عناية الصحابة بالاحاديث والسنن:
ولمكانه السنة من الدين ومنزلها من القران الكريم عنى الصحابه بالاحاديث النبويه عناية فائقة وحرصوا عليها حرصهم على القران فحفظوها بلفظها او بمعناها وفهموها وقد بلغ من حرصهم على سماع الوحي والسنن من رسول الله صلى اله عليه وسلم انهم كانوا يتناوبون في هذا السماع روى البحاري عن عُمرَ قال: كنتُ أنا وجارٌ لي مِنَ الأنصارِ في بني أُمَيَّةَ بن زيدٍ ـ وهيَ مِن عوالي المدينةِ ـ وكنا نَتَناوَبُ النُّزولَ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يَنزِلُ يَوماً وأَنزِلُ يَوماً، فإذا نَزَلتُ جِئتُه بِخَبرِ ذلكَ اليومِ مِنَ الوحيِ وغيرِه، وإِذا نَزَلَ فَعلَ مِثلَ ذلِكَ.
وبذلك جمعوا بين خيرى الدين والدنيا .

والله اعلم