حجية السنة المطهرة والرد على منكرها بالحجج العقلية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم الى يوم الدين ، وبعد
هذا جواب على سؤال سألني بعض الأحبة ، في الحقيقة جواب هذا السؤال قد جاوبه العلماء من قلبي بل بعض الصحابة الكرام رد على هذا السؤال أو الاعراض .
والسؤال هو :
يقوله الله تعالى ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ) وقوله تعالى ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ) فالله سبحانه يخبرنا ان في القران تبيان لك شيء ، فلماذا نستبدل و نعدل عن القران الذي حفظه الله بالسنة والاحاديث التي فيها زيادات ونقص ووضع وغيرها ؟
الجواب :
بداية سوف لن اقول لك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لان هذا يسمى دور ، لأن عندك مشكلة في توثيق أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم  ولن اقول لك قال الصحابة ولا قال العلماء ، ولن اقول لك أن هذه السورة مكية والأحكام اكثرها مدنية ولن أفسر الآيات التي استدللت بها .
وانما سوف نأخذ فهمك للآيات ونطبقة في ارض الواقع ونرى مدى صحتها ، فان كان فهمك صحيحا تركنا السنة المطهرة , والا عليك الرجوع الى الحق .
أولا- يجب أن نتفق أن القران الكريم جاء باللغة العربية الفصحى قال تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )
ثانيا- سناخذ بعض أركان الاسلام ونمشي بها خطوة خطوة على فهمك للقرآن الكريم من غير الرجوع للأحاديث التي هي أقوال النبي صلى الله عليه وسلم أو أقوال الصحابة الكرام أو أقوال العلماء :
الصلاة مثلا : من قال لك أن الصلاة التي تصليها اليوم من قيام وركوع وسجود هي الصلاة المقصودة في القران ( اقيموا الصلاة ) ؟
أصل ‌الصَّلَاة في اللغة العربية ‌الدُّعَاء قَالَ الله عز وَجل {وصل عَلَيْهِم إِن صَلَاتك سكن لَهُم} أَي أدع لَهُم . أذا الذي تفعله أنت من قيام وقراءة الفاتحة والركوع وغيرها هذا من كيسك وليس من القرآن الكريم .
اذا قلت لي قال الله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ )
أقول من أين علمت أن الصلاة هنا هي الصلاة التي تفعلها انت ؟ ستقول من قوله ( اركعوا مع الراكعين ) سأقول لك اذا في هذه الصلاة يجب عليك أن تزكي كلما أردت الصلاة ، لأنه قرن بين الصلاة والزكاة ، فهل تقول بذلك أنت ؟
- سأنتقل الى شيء آخر ، الصلاة المفروضة نصليها خمس مرات في اليوم والليلة ، صح ؟
أين تجد ذلك في القرآن الكريم ؟ خمس مرات في اليوم والليلة
من أين علمت أن صلاة الفجر ركعتان فقط ؟
وصلاة الظهر أربعا ؟
والعصر أربعا ؟
والمغرب ثلاثا ؟
والعشاء أربعا ؟
متى تعلم متى يدخل وقت صلاة الفجر ومتى يخرج وقتها ؟
كذلك جميع الصلوات ، هل في القرآن الكريم تفصيل ذلك ؟
من أين علمت أن في الصلاة القيام ( الوقوف ) ثم قراءة الفاتحة ثم سورة وبعد ذلك تركع وتسبح ثم ترفع ثم تسجد ، ما دليلك من القرآن الكريم على هذا الفعل والكيفية ؟
وما دليلك على أن الركوع على الصفة التي تفعلها أنت ؟ من القرآن الكريم فقط .
وما دليلك على أن السجود على الصفة التي تفعلها أنت ؟ من القرآن الكريم فقط .
-وقوله تعالى ( واسجدي واركعي مع الراكعين ) فهل السجود قبل الركوع ؟
-  يقول الله تعالى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا ) الله سبحانه رخص لنا قصر الصلاة في السفر ، فلماذا لا نقصر الفجر ونجعلها ركعة و المغرب نجعلها ركعة ونصف أو بس ركعة أو ركعتين فقط ؟
انظر عندما اخذنا بفهمك للقرآن ماذا حصل للصلاة التي هي عمود الدين ؟ كل شخص سقول انا فهمت من القرآن كذا ولا يهمني رأيك وسأفعل بما فهمته أنا ، وبذلك تضيع الصلاة التي هي ركن من أركان الاسلام .
الوضوء :
يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )
انظر الى كلمة - فاغسلوا – الفاء هنا للتعقيب أي اذا صليتم فتوضؤ فيكون الوضوء بعد الصلاة وليس قبلها بنص القرآن .
هكذا يكون الدين اذا فصلنا القرآن عن السنة .
الصيام :
سيأتي آخر سيقول أين في كتاب الله أن الصيام هو الامتناع عن الأكل والشرب ؟ وانما المقصود بالصيام هو عدم الكلام ودليل ذلك من القرآن الكريم (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ) فالله سبحانه لم يمنع مريم من الأكل والشرب بل قال لها كلي واشربي وانما منعها من الكلام ، اذا الصيام هو عدم الكلام .
وسيأتي آخر وسيقول المقصود بالصوم هو الامتناع عن الكلام البذيء فقط وليس كل الكلام .
في هذه الحالة سوف ترى شخص يأكل ويشرب ويقول انا صائم ويزني ويشرب الخمر ويقول انا صائم لانه لا ينطق بالكلام البذيء ، كما في بعض الديانات الاخري تراه يأكل كل شيء ويقول أنا صائم فتسأله عن اي شيء انت صائم يقول عن اللحم والدجاج . أو كل مافيه روح يعني خضري اصبح .
الزكاة :
أين دليل ان نأخذ من أموالنا 2.5 % أو ربع العشر ثم نعطيه للفقراء من القرآن الكريم  ؟ لماذا ليس 10% أو أكثر أو أقل ؟
هل الزكاة تجب في أي مال ، فمثلا عندي 1 دينار فهل تدخل فيه الزكاة اذكر لي من القرآن الكريم الدليل ؟
وأين الدليل على أنه يشترط أن يحول الحول على المال ( اي يشترط ان تمر سنه قمرية على تملكه ) من القرآن الكريم ؟
وكيف نزكي الذهب والفضة ؟ من القرآن الكريم فقط
وكيف نزكي الغنم والبقر والابل ؟ من القرآن الكريم
وكيف نزكي الثمار والزروع ؟ من القرآن الكريم
الحج :
سيقول لنا أنسان
الله سبحانه يقول (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ )
فمن أين افتيتم لنا بوجوب لبس الاحرام ونزع الثياب ؟
وليس هناك رمي للجمار لأنه ليس في القرآن .
ويقول الله سبحانه (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) سوف اطوف بالبيت شوط واحد فقط لأن الله لم يقل سبعا
وسقول ليس هناك صلاة خلف مقام ابراهيم عليه السلام لانه غير موجود في القرآن
وعلى هذا سيكون لنا حج كحج الجاهلية الأولى .
و الان بعد الانتهاء من اركان الاسلام نأتي الى أمور أخرى غير موجودة في القرآن ولكن الذين يدعون أنه يجب الاخذ بالقران فقط وأن السنة غير لازمة سنراهم يأخذون بالسنة هنا مجبرين
أولها : ميراث الجدة :
لا يوجد في القرآن الكريم للجدة ميراث اقرأ القرآن الكريم من أوله الى آخره فلن نجد للجدة ميراث ، ومع ذلك يأخذون بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعطاها السدس ، فهل تقول لن أعطيها ميراثها لأنه لا يوجد في القرآن ؟
ثانيا : ميراث المرأة من دية زوجها :
بمعنى اذا قتل زوجها ودفع القاتل دية ( أي مال يتفق عليه ) لكي يعفى عنه ، فان زوجته المقتول ليس لها ميراث وليس لها حق من هذا المال ، فهل ستقول ايها منكر السنة بذلك لأنه ليس في كتاب الله ؟ ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعطاها الميراث منه . فاريني الآن ستأخذ بفهمك للقرآن أو بسنة سيد المرسلين ؟
ثالثا : اذا كانت هناك امراة حامل وضربت على بطنها فأسقط جنينها ميتا ، فما حكمه في القرآن ؟ لا يوجد ، اذا هل يذهب دمه هدرا ، على فهمك
أما السنة فقط اعطته غرة وهي ( العبد أو الامة ) ، فبماذا ستحكم الآن ؟
رابعا : السارق كيف نحكم فيه ؟
قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالَا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (3)
ولم يبين ما هي السرقة؟
وما النصاب الذي يحد فيه السارق؟ بمعنى اذا انسان سرق فلس واحد فهل نقطع يده بذلك الفلس ؟
ومن أين نقطع اليد ؟ هل نقطع من الكتف ؟ أو من المرفق ؟ أو من أين ؟ فبينت السُنَّة كل ذلك.
خامسا : النساء المحرمات على التأبيد ، أي لا يجوز أن نتزوجها
يقول الله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) فهؤلاء هن النسوة الاتي لا يجوز لك أن تتزوجها على الـتأبيد
-اذا فهل يجوز لك أن تتزوج وتجمع بين المرأة وعمتها أو المرأة وخالتها ؟ لم يذكرها الله سبحانه في المحرمات ، السنة هي التي بيتنه
-الله سبحانه قال ( وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ )
فهل يجوز لي أن اتزوج خالتي من الرضاع ؟ أو عمتى الرضاع ؟ أو بنت أختي من الرضاع ؟ أو بنت أخي من الرضاع ؟ كل ذلك السنة بينته .
-وكذلك لم يذكر في الآية السابقة زوجة الأب ، فهل يجوز لي أن أتزوج زوجة أبي ؟
سادسا : المجنون
النبي صلى الله عليه وسلم قال ( رفع القلم عن ثلاثة ) وذكر منها المجنون
أريني في كتاب الله تعالى أن المجنون اذا فعل فعلا لا يآخذ عليه ، على فهمك أنت  انه يجب عليه أن يصلي و يحج وغيرها من الواجبات ،و اذا زني المجنون فانه يقام عليه الحد ولا عاقل يقول بذلك .
سابعا : ضرب النساء
يقول الله تعالى (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ ) على فهمك أنت فهل تقول أنه يجوز لي أن اضربها حتى أكسر  لها عظم أو سن أوأشق جبينها وأسيل دمها ؟
فجاء الحبيب صلى الله عليه وسلم فقال (فاضربوهن ضربا غير مبرح ) قال العماء بالسواك
فالواقع يدل على أن القرآن اشتمل على الأصول العامة للدين الحنيف وجاءت السنة المطهرة فبينت وفصلت ما اجمله القرآن الكريم واستقلت بتشريع جديد كما رأيت .
والمراد بقوله تعالى {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]  إنماالمراد به اللوح المحفوظ الذي هدى الله تعالى القلم أن يكتب فيه ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة .