بحـث
مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
صلاة الاستخارة
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
صلاة الاستخارة
روى البخاري في صحيحه قال :
عن جابر رضيَ الله عنه قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا الاستِخارةَ في الأمور كلِّها كالسُّورةِ منَ القرآن: إذا همَّ أحدُكم بالأمر فلْيَركعْ ركعتين من غير الفريضة ثم يقول: اللهمَّ إني أستَخيرُكَ بعلمك، وأستَقدِرك بقدرتك، وأسألكَ من فضلكَ العظيم، فإنكَ تَقدِرُ ولا أقدِر، وتعلمُ ولا أعلم، وأنتَ علامُ الغيوب. اللهمَّ إن كنت تعلم أنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لي في ديني ومَعاشي وعاقبِة أمرِي ـ أو قال: في عاجلِ أمرِي وآجلهِ ـ فاقدُرْه لي. وإن كنتَ تعلم أنَّ هذا الأمرَ شرٌ لي في دِيني ومعاشي وعاقبة أمري ـ أو قال: في عاجلِ أمري وآجله ـ فاصرِفْه عني واصرفْني عنه، واقدُر لي الخير حيثُ كان ثمَّ رضِّني به. ويُسمي حاجَته».
قال الامام ابن حجر العسقلاني في الفتح :
قوله (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة) في رواية معن ” يعلم أصحابه ” وكذا في طريق بشر بن عمير.
قوله (في الأمور كلها) قال ابن أبي جمرة: هو عام أريد به الخصوص، فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما، فانحصر الأمر في المباح وفي المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه، قلت: وتدخل الاستخارة فيما عدا ذلك في الواجب والمستحب المخير، وفيما كان زمنه موسعا ويتناول العموم العظيم من الأمور والحقير، فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم.
قوله (كالسورة من القرآن) في رواية قتيبة عن عبد الرحمن الماضية في صلاة الليل ” كما يعلمنا السورة من القرآن ” قيل وجه التشبيه عموم الحاجة في الأمور كلها إلى الاستخارة كعموم الحاجة إلى القرآن في الصلاة ، قال الطيبي: فيه إشارة إلى الاعتناء التام البالغ بهذا الدعاء وهذه الصلاة لجعلهما تلوين للفريضة والقرآن.
قوله (إذا هم) فيه حذف تقديره يعلمنا قائلا إذا هم، وقد ثبت ذلك في رواية قتيبة ” يقول إذا هم ” وزاد في رواية أبي داود عن قتيبة ” لنا ” قال ابن أبي جمرة ترتيب الوارد على القلب على مراتب الهمة ثم اللمة ثم الخطرة ثم النية ثم الإرادة ثم العزيمة، فالثلاثة الأولى لا يؤاخذ بها بخلاف الثلاثة الأخرى، فقوله ” إذا هم ” يشير إلى أول ما يرد على القلب يستخير فيظهر له ببركة الصلاة والدعاء ما هو الخير، بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده وقويت فيه عزيمته وإرادته فإنه يصير إليه له ميل وحب فيخشى أن يخفى عنه وجه الأرشدية لغلبة ميله إليه، قال: ويحتمل أن يكون المراد بالهم العزيمة لأن الخاطر لا يثبت فلا يستمر إلا على ما يقصد التصميم على فعله وإلا لو استخار في كل خاطر لاستخار فيما لا يعبأ به فتضيع عليه أوقاته، ووقع في حديث ابن مسعود ” إذا أراد أحدكم أمرا فليقلR.
قوله (فليركع ركعتين) يقيد مطلق حديث أبي أيوب حيث قال ” صل ما كتب الله لك ” ويمكن الجمع بأن المراد أنه لا يقتصر على ركعة واحدة للتنصيص على الركعتين ويكون ذكرهما على سبيل التنبيه بالأدنى على الأعلى، فلو صلى أكثر من ركعتين أجزأ، والظاهر أنه يشترط إذا أراد أن يسلم من كل ركعتين ليحصل مسمى ركعتين، ولا يجزئ لو صلى أربعا مثلا بتسليمة، وكلام النووي يشعر بالإجزاء.
قوله (من غير الفريضة) فيه احتراز عن صلاة الصبح مثلا، ويحتمل أن يريد بالفريضة عينها وما يتعلق بها، فيحترز عن الراتبة كركعتي الفجر مثلا، وقال النووي في ” الأذكار ”: لو دعا بدعاء الاستخارة عقب راتبة صلاة الظهر مثلا أو غيرها من النوافل الراتبة والمطلقة سواء اقتصر على ركعتين أو أكثر أجزأ، كذا أطلق وفيه نظر، ويظهر أن يقال: إن نوى تلك الصلاة بعينها وصلاة الاستخارة معا أجزأ، بخلاف ما إذا لم ينو، ويفارق صلاة تحية المسجد لأن المراد بها شغل البقية بالدعاء والمراد بصلاة الاستخارة أن يقع الدعاء عقبها أو فيها، ويبعد الأجزاء لمن عرض له الطلب بعد فراغ الصلاة لأن ظاهر الخبر أن تقع الصلاة والدعاء بعد وجود إرادة الأمر، وأفاد النووي أنه يقرأ في الركعتين الكافرون والإخلاص، قال شيخنا في ” شرح الترمذي ”: لم أقف على دليل ذلك، ولعله ألحقهما بركعتي الفجر والركعتين بعد المغرب، قال: ولهما مناسبة بالحال لما فيهما من الإخلاص والتوحيد والمستخير محتاج لذلك، قال شيخنا: ومن المناسب أن يقرأ فيهما مثل قوله (وربك يخلق ما يشاء ويختار) وقوله (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة) ، قلت: والأكمل أن يقرأ في كل منهما السورة والآية الأوليين في الأولى والأخريين في الثانية، ويؤخذ من قوله ” من غير الفريضة ” أن الأمر بصلاة ركعتي الاستخارة ليس على الوجوب قال شيخنا في ” شرح الترمذي ”: ولم أر من قال بوجوب الاستخارة لورود الأمر بها ولتشبيهها بتعليم السورة من القرآن كما استدل بمثل ذلك في وجوب التشهد في الصلاة لورود الأمر به في قوله ” فليقل”، ولتشبيهه بتعليم السورة من القرآن، فإن قيل الأمر تعلق بالشرط وهو قوله ” إذا هم أحدكم بالأمر ” قلنا: وكذلك في التشهد إنما يؤمر به من صلى، ويمكن الفرق وإن اشتراكا فيما ذكر أن التشهد جزء من الصلاة فيؤخذ الوجوب من قوله ” صلوا كما رأيتموني أصلي ” ودل على عدم وجوب الاستخارة ما دل على عدم وجوب صلاة زائدة على الخمس في حديث ” هل على غيرها قال: لا، إلا إن تطوع ” انتهى، وهذا وإن صلح للاستدلال به على عدم وجوب ركعتي الاستخارة لكن لا يمنع من الاستدلال به على وجوب دعاء الاستخارة، فكأنهم فهموا أن الأمر فيه للإرشاد فعدلوا به عن سنن الوجوب، ولما كان مشتملا على ذكر الله والتفويض إليه كان مندوبا والله أعلم، ثم نقول: هو ظاهر في تأخير الدعاء عن الصلاة، فلو دعا به في أثناء الصلاة احتمل الإجراء، ويحتمل الترتيب على تقديم الشروع في الصلاة قبل الدعاء، فإن موطن الدعاء في الصلاة السجود أو التشهد، وقال ابن أبي جمرة، الحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء أن المراد بالاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة فيحتاج إلى قرع باب الملك، ولا شيء لذلك أنجع ولا أنجح من الصلاة لما فيها من تعظيم الله والثناء عليه والافتقار إليه مآلا وحالا.
قوله (فاقدره لي) قال أبو الحسن القابسي: أهل بلدنا يكسرون الدال، وأهل الشرق يضمونها، وقال الكرماني: معنى قوله اجعله مقدورا لي أو قدره، وقيل معناه يسره لي، زاد معن ” ويسره لي وبارك لي فيهR.
قوله (فاصرفه عني واصرفني عنه) أي حتى لا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه متعلقا به، وفيه دليل لأهل السنة أن الشر من تقدير الله على العبد لأنه لو كان يقدر على اختراعه لقدر على صرفه ولم يحتج إلى طلب صرفه عنه.
قوله (واقدر لي الخير حيث كان) في حديث أبي سعيد بعد قوله واقدر لي الخير أينما كان ” لا حول ولا قوة إلا باللهR.
قوله (ثم رضني) بالتشديد، وفي رواية قتيبة ” ثم أرضني ” به أي اجعلني به راضيا، وفي بعض طرق حديث ابن مسعود عند الطبراني في الأوسط ” ورضني بقضائك ” وفي حديث أبي أيوب ” ورضني بقدرك ” والسر فيه أن لا يبقى قلبه متعلقا به فلا يطمئن خاطره، والرضا سكون النفس إلى القضاء، وفي الحديث شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وتعليمهم جميع ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، ووقع في بعض طرقه عند الطبراني في حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء إذا أراد أن يصنع أمرا، وفيه أن العبد لا يكون قادرا إلا مع الفعل لا قبله، والله هو خالق العلم بالشيء للعبد وهمه به واقتداره عليه، فإنه يجب على العبد رد الأمور كلها إلى الله والتبري من الحول والقوة إليه وأن يسأل ربه في أموره كلها، واستدل به على أن الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده لأنه لو كان كذلك لاكتفى بقوله ” إن كنت تعلم أنه خير لي ” عن قوله ” وإن كنت تعلم أنه شر لي إلخ ” لأنه إذا لم يكن خيرا فهو شر، وفيه نظر لاحتمال وجود الواسطة، واختلف فيما ذا يفعل المستخير بعد الاستخارة، فقال ابن عبد السلام: يفعل ما اتفق، ويستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود وفي آخره، ثم يعزم، وأول الحديث ” إذا أراد أحدكم أمرا فليقل ” وقال النووي في ” الأذكار ”: يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح به صدره، ويستدل له بحديث أنس عند ابن السني ” إذا هممت بأمر فاستخر ربك سبعا ثم انظر إلى الذي يسبق في قلبك فإن الخير فيه ” وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد، لكن سنده واه جدا، والمعتمد أنه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان له فيه هوى قوي قبل الاستخارة، وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر حديث أبي سعيد ” ولا حول ولا قوة إلا باللهR.
[/justify][/color]
عن جابر رضيَ الله عنه قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا الاستِخارةَ في الأمور كلِّها كالسُّورةِ منَ القرآن: إذا همَّ أحدُكم بالأمر فلْيَركعْ ركعتين من غير الفريضة ثم يقول: اللهمَّ إني أستَخيرُكَ بعلمك، وأستَقدِرك بقدرتك، وأسألكَ من فضلكَ العظيم، فإنكَ تَقدِرُ ولا أقدِر، وتعلمُ ولا أعلم، وأنتَ علامُ الغيوب. اللهمَّ إن كنت تعلم أنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لي في ديني ومَعاشي وعاقبِة أمرِي ـ أو قال: في عاجلِ أمرِي وآجلهِ ـ فاقدُرْه لي. وإن كنتَ تعلم أنَّ هذا الأمرَ شرٌ لي في دِيني ومعاشي وعاقبة أمري ـ أو قال: في عاجلِ أمري وآجله ـ فاصرِفْه عني واصرفْني عنه، واقدُر لي الخير حيثُ كان ثمَّ رضِّني به. ويُسمي حاجَته».
قال الامام ابن حجر العسقلاني في الفتح :
قوله (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة) في رواية معن ” يعلم أصحابه ” وكذا في طريق بشر بن عمير.
قوله (في الأمور كلها) قال ابن أبي جمرة: هو عام أريد به الخصوص، فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما، فانحصر الأمر في المباح وفي المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه، قلت: وتدخل الاستخارة فيما عدا ذلك في الواجب والمستحب المخير، وفيما كان زمنه موسعا ويتناول العموم العظيم من الأمور والحقير، فرب حقير يترتب عليه الأمر العظيم.
قوله (كالسورة من القرآن) في رواية قتيبة عن عبد الرحمن الماضية في صلاة الليل ” كما يعلمنا السورة من القرآن ” قيل وجه التشبيه عموم الحاجة في الأمور كلها إلى الاستخارة كعموم الحاجة إلى القرآن في الصلاة ، قال الطيبي: فيه إشارة إلى الاعتناء التام البالغ بهذا الدعاء وهذه الصلاة لجعلهما تلوين للفريضة والقرآن.
قوله (إذا هم) فيه حذف تقديره يعلمنا قائلا إذا هم، وقد ثبت ذلك في رواية قتيبة ” يقول إذا هم ” وزاد في رواية أبي داود عن قتيبة ” لنا ” قال ابن أبي جمرة ترتيب الوارد على القلب على مراتب الهمة ثم اللمة ثم الخطرة ثم النية ثم الإرادة ثم العزيمة، فالثلاثة الأولى لا يؤاخذ بها بخلاف الثلاثة الأخرى، فقوله ” إذا هم ” يشير إلى أول ما يرد على القلب يستخير فيظهر له ببركة الصلاة والدعاء ما هو الخير، بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده وقويت فيه عزيمته وإرادته فإنه يصير إليه له ميل وحب فيخشى أن يخفى عنه وجه الأرشدية لغلبة ميله إليه، قال: ويحتمل أن يكون المراد بالهم العزيمة لأن الخاطر لا يثبت فلا يستمر إلا على ما يقصد التصميم على فعله وإلا لو استخار في كل خاطر لاستخار فيما لا يعبأ به فتضيع عليه أوقاته، ووقع في حديث ابن مسعود ” إذا أراد أحدكم أمرا فليقلR.
قوله (فليركع ركعتين) يقيد مطلق حديث أبي أيوب حيث قال ” صل ما كتب الله لك ” ويمكن الجمع بأن المراد أنه لا يقتصر على ركعة واحدة للتنصيص على الركعتين ويكون ذكرهما على سبيل التنبيه بالأدنى على الأعلى، فلو صلى أكثر من ركعتين أجزأ، والظاهر أنه يشترط إذا أراد أن يسلم من كل ركعتين ليحصل مسمى ركعتين، ولا يجزئ لو صلى أربعا مثلا بتسليمة، وكلام النووي يشعر بالإجزاء.
قوله (من غير الفريضة) فيه احتراز عن صلاة الصبح مثلا، ويحتمل أن يريد بالفريضة عينها وما يتعلق بها، فيحترز عن الراتبة كركعتي الفجر مثلا، وقال النووي في ” الأذكار ”: لو دعا بدعاء الاستخارة عقب راتبة صلاة الظهر مثلا أو غيرها من النوافل الراتبة والمطلقة سواء اقتصر على ركعتين أو أكثر أجزأ، كذا أطلق وفيه نظر، ويظهر أن يقال: إن نوى تلك الصلاة بعينها وصلاة الاستخارة معا أجزأ، بخلاف ما إذا لم ينو، ويفارق صلاة تحية المسجد لأن المراد بها شغل البقية بالدعاء والمراد بصلاة الاستخارة أن يقع الدعاء عقبها أو فيها، ويبعد الأجزاء لمن عرض له الطلب بعد فراغ الصلاة لأن ظاهر الخبر أن تقع الصلاة والدعاء بعد وجود إرادة الأمر، وأفاد النووي أنه يقرأ في الركعتين الكافرون والإخلاص، قال شيخنا في ” شرح الترمذي ”: لم أقف على دليل ذلك، ولعله ألحقهما بركعتي الفجر والركعتين بعد المغرب، قال: ولهما مناسبة بالحال لما فيهما من الإخلاص والتوحيد والمستخير محتاج لذلك، قال شيخنا: ومن المناسب أن يقرأ فيهما مثل قوله (وربك يخلق ما يشاء ويختار) وقوله (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة) ، قلت: والأكمل أن يقرأ في كل منهما السورة والآية الأوليين في الأولى والأخريين في الثانية، ويؤخذ من قوله ” من غير الفريضة ” أن الأمر بصلاة ركعتي الاستخارة ليس على الوجوب قال شيخنا في ” شرح الترمذي ”: ولم أر من قال بوجوب الاستخارة لورود الأمر بها ولتشبيهها بتعليم السورة من القرآن كما استدل بمثل ذلك في وجوب التشهد في الصلاة لورود الأمر به في قوله ” فليقل”، ولتشبيهه بتعليم السورة من القرآن، فإن قيل الأمر تعلق بالشرط وهو قوله ” إذا هم أحدكم بالأمر ” قلنا: وكذلك في التشهد إنما يؤمر به من صلى، ويمكن الفرق وإن اشتراكا فيما ذكر أن التشهد جزء من الصلاة فيؤخذ الوجوب من قوله ” صلوا كما رأيتموني أصلي ” ودل على عدم وجوب الاستخارة ما دل على عدم وجوب صلاة زائدة على الخمس في حديث ” هل على غيرها قال: لا، إلا إن تطوع ” انتهى، وهذا وإن صلح للاستدلال به على عدم وجوب ركعتي الاستخارة لكن لا يمنع من الاستدلال به على وجوب دعاء الاستخارة، فكأنهم فهموا أن الأمر فيه للإرشاد فعدلوا به عن سنن الوجوب، ولما كان مشتملا على ذكر الله والتفويض إليه كان مندوبا والله أعلم، ثم نقول: هو ظاهر في تأخير الدعاء عن الصلاة، فلو دعا به في أثناء الصلاة احتمل الإجراء، ويحتمل الترتيب على تقديم الشروع في الصلاة قبل الدعاء، فإن موطن الدعاء في الصلاة السجود أو التشهد، وقال ابن أبي جمرة، الحكمة في تقديم الصلاة على الدعاء أن المراد بالاستخارة حصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة فيحتاج إلى قرع باب الملك، ولا شيء لذلك أنجع ولا أنجح من الصلاة لما فيها من تعظيم الله والثناء عليه والافتقار إليه مآلا وحالا.
قوله (فاقدره لي) قال أبو الحسن القابسي: أهل بلدنا يكسرون الدال، وأهل الشرق يضمونها، وقال الكرماني: معنى قوله اجعله مقدورا لي أو قدره، وقيل معناه يسره لي، زاد معن ” ويسره لي وبارك لي فيهR.
قوله (فاصرفه عني واصرفني عنه) أي حتى لا يبقى قلبه بعد صرف الأمر عنه متعلقا به، وفيه دليل لأهل السنة أن الشر من تقدير الله على العبد لأنه لو كان يقدر على اختراعه لقدر على صرفه ولم يحتج إلى طلب صرفه عنه.
قوله (واقدر لي الخير حيث كان) في حديث أبي سعيد بعد قوله واقدر لي الخير أينما كان ” لا حول ولا قوة إلا باللهR.
قوله (ثم رضني) بالتشديد، وفي رواية قتيبة ” ثم أرضني ” به أي اجعلني به راضيا، وفي بعض طرق حديث ابن مسعود عند الطبراني في الأوسط ” ورضني بقضائك ” وفي حديث أبي أيوب ” ورضني بقدرك ” والسر فيه أن لا يبقى قلبه متعلقا به فلا يطمئن خاطره، والرضا سكون النفس إلى القضاء، وفي الحديث شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وتعليمهم جميع ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، ووقع في بعض طرقه عند الطبراني في حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء إذا أراد أن يصنع أمرا، وفيه أن العبد لا يكون قادرا إلا مع الفعل لا قبله، والله هو خالق العلم بالشيء للعبد وهمه به واقتداره عليه، فإنه يجب على العبد رد الأمور كلها إلى الله والتبري من الحول والقوة إليه وأن يسأل ربه في أموره كلها، واستدل به على أن الأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده لأنه لو كان كذلك لاكتفى بقوله ” إن كنت تعلم أنه خير لي ” عن قوله ” وإن كنت تعلم أنه شر لي إلخ ” لأنه إذا لم يكن خيرا فهو شر، وفيه نظر لاحتمال وجود الواسطة، واختلف فيما ذا يفعل المستخير بعد الاستخارة، فقال ابن عبد السلام: يفعل ما اتفق، ويستدل له بقوله في بعض طرق حديث ابن مسعود وفي آخره، ثم يعزم، وأول الحديث ” إذا أراد أحدكم أمرا فليقل ” وقال النووي في ” الأذكار ”: يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح به صدره، ويستدل له بحديث أنس عند ابن السني ” إذا هممت بأمر فاستخر ربك سبعا ثم انظر إلى الذي يسبق في قلبك فإن الخير فيه ” وهذا لو ثبت لكان هو المعتمد، لكن سنده واه جدا، والمعتمد أنه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان له فيه هوى قوي قبل الاستخارة، وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر حديث أبي سعيد ” ولا حول ولا قوة إلا باللهR.
[/justify][/color]
عدل سابقا من قبل طالب علم في الخميس ديسمبر 08, 2011 8:09 pm عدل 1 مرات
ابا محمد اسحاق حمدان- عدد المساهمات : 918
رايك في الموضوع يهمنا : 0
تاريخ التسجيل : 30/01/2010
رد: صلاة الاستخارة
بارك الله فيك
مابدنا حدا- عدد المساهمات : 326
رايك في الموضوع يهمنا : 0
تاريخ التسجيل : 18/03/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 12:57 pm من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» الاخ من الرضاع
أمس في 1:55 pm من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» كيف وصل القرآن الكريم إلينا ؟
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 3:07 pm من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» شرح كتاب منهاج الطالبين للإمام النووي رحمه الله تعالى ، كتاب التيمم
الأحد نوفمبر 17, 2024 9:55 pm من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» لماذا يطلق على إيران بالصفوية
الإثنين أكتوبر 28, 2024 1:56 am من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» شرح كتاب منهاج الطالبين للإمام النووي رحمه الله تعالى ، كتاب التيمم2
الخميس أكتوبر 24, 2024 3:07 am من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» العصا تنقلب الى مصباح منير
الخميس أكتوبر 24, 2024 12:51 am من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» أبو نواس ، يغفر الله تعالى الذنوب ولو كانت مثل زبد البحر
الأربعاء أكتوبر 23, 2024 1:45 pm من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» قصة بشار بن برد مع الحمار
الثلاثاء أكتوبر 22, 2024 1:56 am من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» الوصية حرام بهذه الطريقة
السبت أكتوبر 19, 2024 10:03 pm من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» القرآن يتحدى الذكاء الاصطناعي
الأربعاء أكتوبر 16, 2024 2:30 am من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» شرح كتاب منهاج الطالبين للإمام النووي رحمه الله تعالى ، كتاب التيمم
الإثنين أكتوبر 14, 2024 1:10 pm من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» حتى الكافر انتفع بميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم
الإثنين سبتمبر 09, 2024 12:57 pm من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» تفسير قول الله تعالى ( فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ )
الثلاثاء أغسطس 13, 2024 12:24 pm من طرف ابا محمد اسحاق حمدان
» الايام الماضية والسابقة أين ذهبت
الإثنين يوليو 29, 2024 10:28 pm من طرف ابا محمد اسحاق حمدان